شكري وتقديري
12-09-2008, 02:55 AM
أنظر ماذا دفعت ميسون لتنعم براحة البال
البادية أنقى هواء، وأهلها أصح أجساداً، بقلوب أكثر صفاء ونقاء.
ولعلَّ في قصة ميسون بنت بحدل الكلبية ما يُغني عن كثير من القول، ذلكم أن ميسون لما اتصلت بمعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - وكانت ذات جمال باهر وحسن غامر، فأعجب بها معاوية وهيأ لها قصراً مشرفاً على الغوطة وزينه بأنواع الزخارف، ووضع فيه من أواني الفضة والذهب ما يضاهيه، ونقل إليه من الديباج الرومي والموشى ما هو لائق به، ثم أسكنها مع وصائف لها كأمثل الحور العين، فلبست يوماً أفخر ثيابها وتزينت وتطيبت بما أعدّ لها من الحلي والجوهر الذي لا يوجد مثله، ثم جلست في روشنها وحولها الوصائف، فنظرت إلى الغوطة وأشجارها، وسمعت تجاوب الطير في أوكارها، وشمت نسيم الأزهار ورائح الرياحين والنّوار، فتذكرت باديتها وحنت إلى أترابها وأناسها وتذكرت مسقط رأسها، فبكت وتنهدت، فقالت لها بعض حظاياها ما يبكيك وأنت في ملك يضاهي ملك بلقيس. فتنفست الصعداء ثم أنشدت:
لبيـت تخفـق الأرواح فيـه
أحب إليّ من قصـر منيـف
ولبس عبـاءة وتقـرّ عينـي
أحب اليّ من لبس الشفـوف
وأكل كسيرة فـي كسر بيتـي
أحب إليّ من أكـل الرغيـف
وأصوات الريـاح بكـل فـج
أحب إلى من نقـر الدفـوف
وكلب ينبـح الطـراق دونـي
أحب إلـي مـن قـط أليـف
وبكر يتبع الأظعـان صعـب
أحب إلي مـن بعـل زفـوف
وخرق من بني عمي نحيـف
أحب الي من علـج عنـوف
خشونة عيشتي في البدو أشهى
إلى نفسي من العيش الطريف
فما أبغي سوى وطنـي بديـلا
وماأبهاه مـن وطـن شريـف
فلما دخل معاويه عرفته احدى الوصيفات بما قالت ميسون فقال: ما رضيت ابنة بحدل حتى
جعلتني علجا عنوفا؟
هي طالق ثلاثا. ثم سيرها إلى أهلها في نجد وكانت حاملا بابنه يزيد فولدته في البادية وأرضعته
سنتين ثم أرسلته إلى أبيه غير نادمة.
راحة البال لا يمكن أن تقدر بثمن .
أخواتي .....إخواني :
إبنوا قصوركم من المحبة وراحة البال قبل أن تضعوا أساسها من التراب والحصى والحديد .
البادية أنقى هواء، وأهلها أصح أجساداً، بقلوب أكثر صفاء ونقاء.
ولعلَّ في قصة ميسون بنت بحدل الكلبية ما يُغني عن كثير من القول، ذلكم أن ميسون لما اتصلت بمعاوية بن أبي سفيان - رضي الله عنه - وكانت ذات جمال باهر وحسن غامر، فأعجب بها معاوية وهيأ لها قصراً مشرفاً على الغوطة وزينه بأنواع الزخارف، ووضع فيه من أواني الفضة والذهب ما يضاهيه، ونقل إليه من الديباج الرومي والموشى ما هو لائق به، ثم أسكنها مع وصائف لها كأمثل الحور العين، فلبست يوماً أفخر ثيابها وتزينت وتطيبت بما أعدّ لها من الحلي والجوهر الذي لا يوجد مثله، ثم جلست في روشنها وحولها الوصائف، فنظرت إلى الغوطة وأشجارها، وسمعت تجاوب الطير في أوكارها، وشمت نسيم الأزهار ورائح الرياحين والنّوار، فتذكرت باديتها وحنت إلى أترابها وأناسها وتذكرت مسقط رأسها، فبكت وتنهدت، فقالت لها بعض حظاياها ما يبكيك وأنت في ملك يضاهي ملك بلقيس. فتنفست الصعداء ثم أنشدت:
لبيـت تخفـق الأرواح فيـه
أحب إليّ من قصـر منيـف
ولبس عبـاءة وتقـرّ عينـي
أحب اليّ من لبس الشفـوف
وأكل كسيرة فـي كسر بيتـي
أحب إليّ من أكـل الرغيـف
وأصوات الريـاح بكـل فـج
أحب إلى من نقـر الدفـوف
وكلب ينبـح الطـراق دونـي
أحب إلـي مـن قـط أليـف
وبكر يتبع الأظعـان صعـب
أحب إلي مـن بعـل زفـوف
وخرق من بني عمي نحيـف
أحب الي من علـج عنـوف
خشونة عيشتي في البدو أشهى
إلى نفسي من العيش الطريف
فما أبغي سوى وطنـي بديـلا
وماأبهاه مـن وطـن شريـف
فلما دخل معاويه عرفته احدى الوصيفات بما قالت ميسون فقال: ما رضيت ابنة بحدل حتى
جعلتني علجا عنوفا؟
هي طالق ثلاثا. ثم سيرها إلى أهلها في نجد وكانت حاملا بابنه يزيد فولدته في البادية وأرضعته
سنتين ثم أرسلته إلى أبيه غير نادمة.
راحة البال لا يمكن أن تقدر بثمن .
أخواتي .....إخواني :
إبنوا قصوركم من المحبة وراحة البال قبل أن تضعوا أساسها من التراب والحصى والحديد .