المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : تداعيات الأزمة المالية العالمية على القطاع العقاري القطرى في النصف الأول من عام 2009



ROSE
02-07-2009, 07:17 AM
تداعيات الأزمة المالية العالمية على القطاع العقاري القطرى في النصف الأول من عام 2009


بقلم/ أحمـــد صـــبري


من الجلي الواضح أن تأثير الأزمة المالية العالمية وتباطؤ الاقتصاد العالمي كانا ذو تأثير محدود على الإقتصاد القطري على وجه الخصوص، فقطر من بين الدول القلائل على مستوى العالم المتوقع ان يتخطى معدل نموها السنوي 10% في عام 2009 ، و لم تزل تحتفظ بالمركز الأول في مستوى الدخل السنوي للفرد في تصنيف صندوق النقد الدولي ، بحوالي 86,000 دولار والمركز الثاني في تصنيف المخابرات المركزية الأمريكية بحوالي 103500 دولار تالية لإمارة لخشنشتاين الأوروبية ذات ال35000 نسمة ويرجع ذلك ،بعد فضل الله سبحانه و تعالى، إلى الإجراءات التي تتخذها الدولة لزيادة مواردها من ناحية و الاستخدام الأمثل للإنفاق من ناحية أخرى .
و تعمل الدولة على زيادة الموارد و التنوع المدروس لمصادر الدخل من الأنشطة الاقتصادية المختلفة بالتركيز على نقاط القوة و المميزات التنافسية ، ففي قطاع النفط و الغاز ،الذي ساهم في 62% من الناتج المحلي الإجمالي لعام 2008المنصرم، تتوسع الدولة في إنتاج الغاز الطبيعي المسال لتتبوأ موقعها ضمن الثلاثة الكبار في نادي الغاز العالمي،و في قطاع الصناعات التحويلية ( 7% من الناتج المحلي الإجمالي لذات العام) ، يتم التركيزعلى الصناعات البتروكيماوية والصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة كالألومنيوم و سماد اليوريا و غيرها لتعظيم القيمة المضافة من إنتاج النفط و الغاز، وفي قطاع التجارة و السياحة (5 % - 2008 ) تتجه قطر لزيادة طاقتها الفندقية بأربعة أمثال خلال عامي 2009و 2010 لتحجز لنفسها مكاناً متخصصاً في سياحة المؤتمرات و الخمس نجوم وبالنسبة لقطاعي التشييد و البناء ، و قطاعات المال و التأمين و العقارات و خدمات الأعمال ،فقد ساهما بنسب 5% و10 % علي التوالي من الناتج المحلي الإجمالي للعام المنصرم البالغ حوالي 372 مليار ريال قطري بزيادة قدرها 44% عن العام السابق.
و على صعيد الإنفاق فقد رصدت الدولة حوالي 38 مليار ريال في ميزانية 2009/2010 للإنفاق على تنفيذ أعمال البنية التحتية لدعم النشاط الاقتصادي للقطاع العام والخاص ، و اتخذت العديد من القرارات الحاسمة بشراء حصص تمثل 20% من رؤوس أموال البنوك خلال عام 2009 وكذا شراء كل محافظها من الأسهم في الربع الأول من العام وعرضها لشراء محافظها العقارية في الربع الثاني مما كان له الأثر الواضح في توفير السيولة اللازمة لتمويل المشروعات و دعم القطاع المصرفي الذي بدأ في الأقراض من جديد وإن كان بنسب قروض أكثر تحفظاً (50 إلى 75 % من قيمة الأصول) و من جهة أخرى فقد تحسن اداء سوق الاوراق المالية و ارتفع مؤشرها من 4200 نقطة في مارس ليتخطى 6500 نقطة بنهاية يونيو.
و من الآثار المحمودة للأزمة الانخفاض الملحوظ في معدل التضخم الذي يرتفع عند زيادة قيمة وسائل الدفع المختلفة التي تشمل النقد والشيكات بأنواعها والائتمان بكل مصادره عن قيمة السلع والخدمات المتاحة و المعروضة بالسوق والقابلة للتعامل عليها بالشراء والبيع كالسلع والمواصلات والسياحة والعقارات و غيرها ، ما يعني ببساطة زيادة الطلب على العرض. و بين الآثار المحمودة و التأثيرات المحدودة فلا يمكن إنكار تداعيات الأزمة على القطاع العقاري على وجه الخصوص وهي ما يُعنى بها هذا المقال في المقام الأول.
فقد ندرت عمليات البيع والشراء وانخفضت أسعار الأراضي في المناطق المحيطة بالدوحة – والتي كانت تتم عليها مضاربات غير منطقية – بنسب انخفاضات قد تصل الى 50% في الربع الأخير من 2008 والأول من 2009 بينما أصبح كبار المستثمرين ذوو الملاءة المالية المرتفعة أكثر انتقاء وبحثاً عن صفقات عقارية تدر عائداً جيداً بأسعار مغرية ، وعلى الرغم من استمرار أغلب مشروعات التطوير العقاري الجارية إلا أنه تم تأجيل بعض المشروعات التي لم تتخط مراحل الدراسات الأولية .
و في السوق الأولية لمبيعات الوحدات السكنية ( على المخططات ) في مشروعات التطوير الجديدة فلم تنجح الهدايا الثمينة لمشتري الوحدات في كسر حالة الجمود الناتجة عن نقص التمويل ولم يختلف الوضع كثيراً في السوق الثانوي ( إعادة البيع ) ، وعلى الرغم من وفرة الوحدات المعروضة للبيع من ناحية وترقب المشترين لانخفاض الأسعار من ناحية أخرى فلم تسجل انخفاضات حادة للأسعار و يرجع ذلك إلى الطبيعة الاستثمارية طويلة الأجل للملاك ، ولعل من فضائل الأزمة اتجاه المطورين والملاك للاستعانة بشركات الوكالات العقارية المتخصصة .
أما على صعيد الإيجارات فقد رصدت الأبحاث انخفاضاً ملحوظاً في الربع الاول و الثاني من عام 2009 في الإيجارات السكنية والمكتبية والمخازن على حد سواء بنسب مختلفة تتراوح ما بين 10 إلى 20% مع ثبات إيجارات المساحات التجارية (في ظل القوة الشرائية وضعف العرض) عند حوالي 220 ريالاً شهرياً للمتر المربع وهو ما أكده إعلان جهاز قطر للإحصاء عن تصدر مجموعة الإيجارات والوقود والطاقة قائمة انخفاضات الرقم القياسي بحوالي 13,2 % مقارنة بانخفاض قدرة 7,3 % من الرقم القياسي العام.
أما فيما يخص المساحات المكتبية فقد تم رصد انخفاض يتراوح مابين 5-20% من متوسط 220 ريالاً شهرياً للمتر المربع في المناطق المختلفة مع زيادة العرض وانخفاض معدلات الإشغال الى حوالي 90% و تصدرت منطقة الخليج الغربي الإنخفاض في الإيجارات، وبعدما كان الملاك لا يفضلون التأجير للجهات الحكومية التي تستأجر بحوالي (160-180) ريالاً للمتر المربع فقد اقتربت القيمة الايجارية السوقية الحالية من ذات المعدلات، وبعدما كان الملاك يشترطون تأجير المبنى بالكامل لمستأجر واحد أصبحوا على استعداد لتقسيم الدور الواحد الى مساحات مكتبية في حدود 200م2 وعرض فترة مجانية للتشطيب بل والتشطيب الكامل لبعض الوحدات ، بينما يتلكأ المستأجر أو يستأجر لسنة واحدة في انتظار انخفاض آخر للإيجارات.
و نظراً لقلة المشاريع في مناطق أخرى كالطريق الدائري الثالث وشارع "حمد الكبير" فقد رصدت انخفاضات أقل حدة في الإيجارات من المتوسط السابق البالغ 180 ريالاً للمتر المربع مع ثبات نسب الإشغال والطلب و مع الأخذ في الاعتبار زيادة العرض الناتج من المساحات المكتبية المزمع الانتهاء من إنشائها في الخليج الغربي خلال الربع الثالث و الرابع والمتوقع أن تبلغ 450000 م2 بانقضاء العام ، بالإضافة إلى الانخفاض المتوقع في الطلب والمقدر بنسبة لاتزيد على 10% فإن الإيجارات مرشحة لهبوط مماثل يضيق الفجوة السعرية بين المناطق المختلفة و الخليج الغربي ويمهد لانتقال المستأجرين إليه بحثاً عن مستوى أفضل من التشطيبات والخدمات والمحفزات والتي ستشكل الفيصل بين العقارات المتنافسة و بالتالي انخفاض إيجار باقي المناطق.
وعلى صعيد إيجارات العقارات السكنية فقد تناقص العجز في فجوة العرض عن الطلب كنتيجة للانتهاء من انشاء العديد من العمارات والمشروعات السكنية الخاصة و تسليم المراحل الأولى من مدينة بروة السكنية و بناء عليه فقد تم رصد انخفاض إيجارات الشقق السكنية المفروشة والفيلات الفاخرة بنسبة حوالي 10% في الربع الاول و الثاني من هذا العام في حين انخفضت ايجارات الشقق السكنية غير المفروشة بمتوسط حوالي 15% في المناطق المختلفة فيما عدا بعض الانخفاضات الأقل نسبياً نتيجةً لبعض الاستثناءات القطاعية كزيادة الطلب على الوحدات السكنية ذات غرفتي النوم مثلاً أو الجغرافية كزيادة الطلب على الفيلات السكنية في بعض المناطق أو على بعض الفيلات بعينها كنتيجة لمواصفات خاصة بها .
وبصفة عامة ومع ارتفاع عدد السكان في نهاية الربع الاول لعام 2009 ليبلغ حوالي 1,67 مليون نسمة بزيادة حوالي 40% مقارنةً بذات الفترة من عام 2008 م فقد بلغ متوسط ايجار المتر المربع السكني حوالي 80 إلى 100 ريال شهرياً للمتر المربع في الوحدات الفاخرة ، و سجلت نسب الإشغال حوالي 95 % .
ومع اتمام مزيد من الوحدات السكنية خلال الربع الثاني و غيرها قيد الإنشاء خلال الربع الثالث من هذا العام و المتوقع أن تبلغ حوالي 10000 وحدة سكنية في نهاية عام 2010 م ، بالإضافة الى إخلاء حوالي 3000 وحدة سكنية بنهاية الربع الثاني هذا العام لاعادة تسكين العاملين بمستشفى حمد الطبي بالاسكان الخاص بمدينة حمد الطبية وانتهاج مؤسسات أخرى نفس النهج ، ومع انخفاض عدد السكان بحوالي 30000 نسمة خلال الربع الثاني للاستغناء عن حوالي 10000 فرصة عمل كنتيجة للأزمة العالمية ، ومع انخفاض الطلب على الوحدات السكنية بنسبة تتراوح بين 10 إلى 20 % فإن ايجارات الوحدات السكنية مرشحة لمزيد من الهبوط بشكل عام وبنسبة متفاوتة من 10 إلى 20 % ً في الربع الثالث لهذا العام ايضاً.
وقد اظهرت نتائج النصف الاول انخفاض متوسط القيمة السوقية للأمتار المربعة للوحدات السكنية والمساحات المكتبية حديثة الإنشاء لتسجل حوالي 16500 ريال و 20000 ريال على التوالي وبما يحقق عوائد على الاستثمار حوالي 6% ، 12,5 % على التوالي طبقاً لمتوسطات الإيجارات السابق ذكرها .أو بمعنى أخر فأن الإيردات تغطي التكاليف الاستثمارية في 13، 8 سنوات على الترتيب بدون الأرباح الرأسمالية الناتجة عن التغير في قيمة الأصول وهي تبدو أرقاماً منطقية للغاية مقارنة بالعوائد السابق تحقيقها في السنوات الماضية والتي تخطت 30% لتغطي التكاليف الاستثمارية في 3 سنوات وهي أرقام لم تكن منطقية على الإطلاق في أي استثمارات مشروعة مما أدي لعزوف المستثمرين عن أنواع أخرى من الاستثمارات من ناحية و زيادة نسب التضخم كل كافة أوجة الحياة إلى أرقام غير مسبوقة من ناحية اخرى.
وبنظرة ايجابية فإن إنخفاض السوق العقاري هو تصحيح واجب لوضع غير منطقي، وعلى مستثمري القطاع الخاص استبدال الشغف الدائم بالمضاربة والربح السريع، بالرغبة في التنمية واعتناق فكر استثماري طويل الأمد ليس في العقارات و التجارة فحسب بل و اقتحام آفاق الاستثمار الرحبة في الصناعة مثلاً أو احياء التراث القطري في صيد البحر الذي لم يعد يسهم في الناتج المحلي الأجمالي بقدر يُذكر ، فلم تزل أساطيل صيد الدول الصناعية ذات الاقتصادات الكبرى كالصين والولايات المتحدة و اليابان تجوب البحار .
ان الدورة الاقتصادية للاستثمار العقاري موازية وتالية للدورة الزمنية لجميع الأنشطة الإقتصادية ، وفي دولة مثل قطر يمثل المغتربون فيها نسبة لابأس بها من عدد السكان فيجب ادراك أن أساسيات الاستثمار العقاري يجب أن تستند على الطلب الحقيقي الناتج عن الاحتياج الى أماكن للسكن والعمل وليس على المضاربة وأن هذا الطلب لا ينتج إلا بتوفير فرص العمل الناجمة من زيادة الاستثمارات في جميع الأنشطة الاقتصادية الأمرالذي من شأنه أن يضيف للناتج القومي الإجمالي وأن يُولد الطلب على العقارات من ناحية أخرى وليس العكس ، وأن قوة الاقتصاد القطري هي المحرك الرئيسي و صمام الأمان للاستثمار العقارى.

مدير التقييم والاستشارات العقارية بشركـــة سنتشري 21 قطر

السندان
02-07-2009, 08:13 PM
شكرا لكِ اختي روز على النقل