aldahnoon
22-11-2010, 12:12 PM
ضغط الغربة
قابلني في احد شوارع لندن شابان , احدهم هندي و الثاني عربي , يحملان حقيبتين من الحقائب التي تحمل على الكتف , و في كل واحدة منها مجموعة من الكتب .. استوقفاني و تعرفا علي, و قدما نفسيهما إلي فلما علما بأنني عربي , تقدم الشاب العربي بالحديث , و هناك – و في كلا بلاد الغربة – يشعر المرء بالتالف عجيب نع مل من يعرف لغته , أو يشعر انه من قومه , هناك تذوب الفوارق الاجتماعية , أو العرقية . أو الدينية , حيث بدفع المرء بالقاسم المشترك الذي يجمعه مع الآخرين . كل دوافع الاختلاف و التشرذم الإقليمي فلا غرو أن تجد أصدقاء من الهند و باكستان ,و جنوب شرف آسيا , و أفريقا , و البلاد العربية و الأمريكتين ,و أوروبا ... لا يجمع بينهم إلا رابطه واحدة , هيه رابطة الإسلام .
و أدهشني مرة أن عراقيا كان على الرصيف المقابل للرصيف الذي امشي عليه , لا يعرفني ولا اعرفه , و أذا به بالى صوته يحييني : (( السلام عليكم )) لمجرد انه لمح عربيا من بعيد فجمعت الغربة كل مشاعر الحب و الحنين , لتعبر عنها كلمه واحده ((السلام عليكم )).
قابلني الشابان , و انبرى العربي بعرض علي ما يحملان من كتب , براقة العناوين .جذابة الأغلفة , شهية الطرح .. فتناولت بعضها و قرأت شيئا من الفهارس , و بضع كلمات من المقدمات . و بعض الأسطر من الداخل من صفحات مختلفة , فرابني الطرح , و أثارني بعض الموضوعات , لكنني آثرت السكوت لاسيما و هيه أول مرة أقابل فيها هذه العرض , فاعتذرت عن الشراء فحاولا معي مرات, و في كل مرة أسلوب جديد , و إغراء اشد ,. لكنني تحصنت ضد هذه الإغراءات بالرفض و الاعتذار لعدم حملي ما يكفي من النقود .. فلما يئسا مني , قدما لي دعوة مطبوعة لتناول الشاي في ضيافتهم ..
أخذت الدعوة – فلا مجال لرفضها – و انصرفت و أنا لا انوي تلبيتها فعندي ما يشغلني و يملأ أوقاتي .
بيد أنني بعدما عدت إلي الشقة التي اقطنها قرأت الدعوة مره أخرى , فإذا هي تحدد الزمان و المكان بدقة حتى أنها أتبعت الكلام برسم تخطيط ((كروكي )) للموقع , رسما يحدد الشوارع الكبيرة و الصغيرة حتى الحارة التي فيها المكان و من إغراءات الدعوة أنها لم تلزم بزمن معين , أو تاريخ محدد , بل دعوة مفتوحة , فهي من الساعة ( كذا) إلي الساعة ( كذا ) كل يوم سبت من كل أسبوع .
هذه التحديد مغر جدا , فهو لا يترك فرصة لمعتذر , ولا مشغول , ولا لرافض , لا إذا كان الرفض مبدئياً أما الرفض معللا بأي أعذار فهي تمتصه و تلغيه . لكن مثير للريبة فيها أنها دعوه مفتوحة,من أناس لا تعرفهم ولا يعرفونك لماذا ؟!
و من هؤلاء الذين يملكون أملاً- في الغرب المادي – لعمل مثل هذه الدعوات ,و رعايتها , و الإنفاق عليها , و استمرارها ؟
كل هذه الأسئلة و ما يصاحبها من تنامي الشك في نفس المرء تدخله في صراع مع رغبة دفينة في النفس الإنسانية تسمى (( حب الاستطلاع ))و إذا بالأمرين يتصارعان زمنا قد يطول , و قد يقصر حتى ينتصر أحدهما على الأخر , و انتصرت عندي رغبة الذهاب إليهم لاكتشاف ما تخفيه الدعوة خلفها لا سيما و أنا مسكون بهاجس الدعوة إلي الله , و بالمقابل معرفة ما يخطط أعداء الإسلام للنيل منه , و من المسلمين . فقررت زيارتهم في مقرهم .
من كتاب في ضيافة المنصرين للكاتب حيدر قفة
و يتبع
قابلني في احد شوارع لندن شابان , احدهم هندي و الثاني عربي , يحملان حقيبتين من الحقائب التي تحمل على الكتف , و في كل واحدة منها مجموعة من الكتب .. استوقفاني و تعرفا علي, و قدما نفسيهما إلي فلما علما بأنني عربي , تقدم الشاب العربي بالحديث , و هناك – و في كلا بلاد الغربة – يشعر المرء بالتالف عجيب نع مل من يعرف لغته , أو يشعر انه من قومه , هناك تذوب الفوارق الاجتماعية , أو العرقية . أو الدينية , حيث بدفع المرء بالقاسم المشترك الذي يجمعه مع الآخرين . كل دوافع الاختلاف و التشرذم الإقليمي فلا غرو أن تجد أصدقاء من الهند و باكستان ,و جنوب شرف آسيا , و أفريقا , و البلاد العربية و الأمريكتين ,و أوروبا ... لا يجمع بينهم إلا رابطه واحدة , هيه رابطة الإسلام .
و أدهشني مرة أن عراقيا كان على الرصيف المقابل للرصيف الذي امشي عليه , لا يعرفني ولا اعرفه , و أذا به بالى صوته يحييني : (( السلام عليكم )) لمجرد انه لمح عربيا من بعيد فجمعت الغربة كل مشاعر الحب و الحنين , لتعبر عنها كلمه واحده ((السلام عليكم )).
قابلني الشابان , و انبرى العربي بعرض علي ما يحملان من كتب , براقة العناوين .جذابة الأغلفة , شهية الطرح .. فتناولت بعضها و قرأت شيئا من الفهارس , و بضع كلمات من المقدمات . و بعض الأسطر من الداخل من صفحات مختلفة , فرابني الطرح , و أثارني بعض الموضوعات , لكنني آثرت السكوت لاسيما و هيه أول مرة أقابل فيها هذه العرض , فاعتذرت عن الشراء فحاولا معي مرات, و في كل مرة أسلوب جديد , و إغراء اشد ,. لكنني تحصنت ضد هذه الإغراءات بالرفض و الاعتذار لعدم حملي ما يكفي من النقود .. فلما يئسا مني , قدما لي دعوة مطبوعة لتناول الشاي في ضيافتهم ..
أخذت الدعوة – فلا مجال لرفضها – و انصرفت و أنا لا انوي تلبيتها فعندي ما يشغلني و يملأ أوقاتي .
بيد أنني بعدما عدت إلي الشقة التي اقطنها قرأت الدعوة مره أخرى , فإذا هي تحدد الزمان و المكان بدقة حتى أنها أتبعت الكلام برسم تخطيط ((كروكي )) للموقع , رسما يحدد الشوارع الكبيرة و الصغيرة حتى الحارة التي فيها المكان و من إغراءات الدعوة أنها لم تلزم بزمن معين , أو تاريخ محدد , بل دعوة مفتوحة , فهي من الساعة ( كذا) إلي الساعة ( كذا ) كل يوم سبت من كل أسبوع .
هذه التحديد مغر جدا , فهو لا يترك فرصة لمعتذر , ولا مشغول , ولا لرافض , لا إذا كان الرفض مبدئياً أما الرفض معللا بأي أعذار فهي تمتصه و تلغيه . لكن مثير للريبة فيها أنها دعوه مفتوحة,من أناس لا تعرفهم ولا يعرفونك لماذا ؟!
و من هؤلاء الذين يملكون أملاً- في الغرب المادي – لعمل مثل هذه الدعوات ,و رعايتها , و الإنفاق عليها , و استمرارها ؟
كل هذه الأسئلة و ما يصاحبها من تنامي الشك في نفس المرء تدخله في صراع مع رغبة دفينة في النفس الإنسانية تسمى (( حب الاستطلاع ))و إذا بالأمرين يتصارعان زمنا قد يطول , و قد يقصر حتى ينتصر أحدهما على الأخر , و انتصرت عندي رغبة الذهاب إليهم لاكتشاف ما تخفيه الدعوة خلفها لا سيما و أنا مسكون بهاجس الدعوة إلي الله , و بالمقابل معرفة ما يخطط أعداء الإسلام للنيل منه , و من المسلمين . فقررت زيارتهم في مقرهم .
من كتاب في ضيافة المنصرين للكاتب حيدر قفة
و يتبع