ومن أحسن أحسن الله إليه،ومن جاد جاد الله عليه
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الجزاء من جنس العمل
قال تعالى(هَلْ جَزَاء الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ)الرحمن،
وقال(لِّلَّذِينَ أَحْسَنُواْ الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)يونس،
وقال عليه الصلاة والسلام(الخير لا يأتي إلا بالخير)رواه البخاري،
وقال عليه الصلاة والسلام(أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة،وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة)رواه البخاري،وصححه الألباني،
وقال سبحانه(جَزَاء وِفَاقًا)النبأ،
والجزاء من جنس العمل، فمن تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن ضار مسلماً ضار الله به، ومن مكر بمسلم مكر الله به، ومن شاق شاق الله عليه،ومن خذل مسلماً في موطن يحب فيه نصرته خذله الله،عز وجل،في موطن يحب نصرته فيه أن ينصر هو،
وكذلك من سمع سمع الله به،ومن يرائي يرائي الله به)رواه البخاري،
معني الحديث، فضحه بين الخلائق،ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً(رواه البخاري،ومسلم،هذا في أمور الشر،
وكذلك نجده في أمور الخير، من ستر مسلماً ستره الله، من يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة) رواه مسلم،
ومن أقال نادماً في تأجير أو استئجار أو بيع أو شراء، أو تصرف، من أقال نادماً فأخرجه مما دخل فيه من عقد ونحوه،
من أقال نادماً أقال الله عثرته يوم القيامة)رواه ابن حبان،
وصححه الألباني،
(يا ابن آدم أنفق أنفق عليك)رواه البخاري،ومسلم،
(فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)الشورى،
ومن عفا عفا الله عنه،
ومن أحسن أحسن الله إليه،ومن جاد جاد الله عليه، ومن نصر أمر الله ودينه وشرعه نصره الله وثبته(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ )محمد،
(ومن تواضع لله رفعه الله)
(الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء)رواه أبو داود،والترمذي،وأحمد،وصححه الألباني،
ومن عامل الناس بما يحب عامله الله بما يحب،
والله تعالى،شكور، يشكر العمل القليل فيصير عنده كثيراً،وينمي الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، والله يضاعف لمن يشاء،
من ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه، لما احتمل يوسف الصديق،عليه السلام،ألم السجن في ذات الله بوأه الله ملك مصر كلها،
ولما بذل الشهداء أرواحهم لله،وقطَّع الأعداء أجسادهم عوضهم الله بطير خضر فيها أرواحهم،تأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش،وتسرح دائما في أنهار الجنة، وتأكل من شجرها حتى تقوم الساعة،
ومن صدق صدقه الله وصدَّقه، قال أبو حاتم الرازي للإمام أحمد(كيف نجوت من سيف الواثق وعصا المعتصم،قال،يا أبا حاتم لو وضع الصدق على جرح لبرأ)
وهكذا رفع الله ذكرهم، وقد قدموا في سبيله ما قدموا(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)الشعراء،
من ذكر الله ذكره الله(فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ)البقرة،
(فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم)رواه البخاري،ومسلم،
من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته(والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)رواه مسلم،
من يتصدق يتصدق الله عليه، ويعوضه خيراً،وما نقص مال من صدقة،
ولذلك كان السلف من أصحاب الأموال، يعطون بلا عد،
فيقول ابن المبارك لغلمانه،إذا جاء الفقير احثوا له حثوا بدون عد،اغرف،اعط،
أعمال الخير ما فيها سرف،اعط، والله ينفق عليك،من بنى لله مسجدا يبتغي به وجه الله بنى الله له بيتا في الجنة،
وكذلك من ساهم في بناء مسجد ولو بالخبرة والاستشارة والمراقبة والإعانة يدخل في ذلك الأجر،
من اتقى الله وقاه وكفاه،فمكافأته عنده عظيمة، ولأن التقوى فيها شدة وجهد وعناء،لأنه يلزم نفسه القيام بالواجب،والامتناع عن المحرم،برغم الشهوات والمغريات، فإنه يتقي الله،و(يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا،وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)الطلاق،
(ويَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا)الطلاق،
(ويوم القيامة لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ)القلم،
منغض بصره نور الله بصيرته، ومن نور الله بصيرته ميز الحلال من الحرام، والسنة من البدعة،
من فسح لإخوانه في المجلس فسح الله له،
قال تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ)المجادلة،
يفسح لك في صدرك وفي رزقك وفي قبرك، وملكاً عظيماً(إِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا)الإنسان،
من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه، ماذا لمن تجاوز لمسلم عن مظلمة وحق،
من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة(فلينفس عن معسر أو يضع عنه)رواه مسلم،
وهكذا العفو عند المقدرة،
ثواب قيام الليل، هؤلاء الذين يخفون قيام الليل، ويستخفون عن أعين الناس بالصلاة في الظلام في قعر بيوتهم، لما أخفوا العبادة (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ،فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)السجدة،
أخفى الله لهم مفاجأة حسنة عظيمة جليلة جميلة(فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ)يقومون الليل حيث يستترون عن أعين الناس(وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)الذاريات،إلى أن يصلوا فريضة الله،
ربنا كريم وشكور، وجواد يعطي ويضاعف،
نسأل الله،سبحانه وتعالى،أن يعطينا ولا يحرمنا، وأن يزيدنا ولا ينقصنا، وأن يكرمنا ولا يهيننا، وأن يعافينا ويعفو عنا،
اللهم إنا نسألك خشيتك في الغيب والشهادة،والإخلاص، والقصد في الغنى والفقر،والرضا بعد القضاء،وبرد العيش بعد الموت،
نسألك نعيما لا ينفد، وقرة عين لا تنقطع،وأن تضاعف أجورنا، وتغفر ذنوبنا، وترفع درجاتنا، وتكفر عنا سيئاتنا،وأن تصرف عنا عذاب جهنم إن عذابها كان غراما، وأن تدخلنا الجنة مع الأبرار بلا حساب ولا عذاب،وعجل لهذا النصر والتمكين يا رب العالمين.
