الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه*

أما بعد:*

فلا ريب أن أهل الشرِّ والبدعة يتحينون أوقات الفتن والمحن في بثِّ بدعهم، ونشر باطلهم،*وقد كَثُرَ من أحد السفهاء الطعن فيمن يسميهم (وهابية) بدعاوى كاذبة، وشبه ضالة، ولا يزال*يطعن ويغمز ويلمز جهلًا وحُمْقًا وسفاهةً؛ إرضاءً لهوى نفسه، ورضىً ببدعته وجهله، وكان*قدره أن يُرمى في مزبلة التاريخ ولا يُلتفتُ له، فلا يُعرف له صلة بالعلم ولا أهله، ولكن خشية*أن يَغتر بأباطيله بعض من يقرأ أو يسمع له أو لغيره، كتبتُ هذه المقالة -تذكيرًا وتنبيهًا-.*

فأقول -والله الموفق والمسدد والمعين-:*

إن أهل العلم في القديم والحديث كتبوا عن الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب التميمي رحمه*الله الشيء الكثير الطيب من المؤلفات في ترجمته والذبّ عنه، وردِّ بهارج أهل الباطل، وبينوا*أنه داعية تجديد وإصلاح واتباع، جاهد في الدعوة لتجريد التوحيد والاتباع، وتحقيقِ العبادة*لرب العبيد، ونبذِ الشرك والبدع والتنديد، كل ذلك بالحجة والبيان، فعقيدته هي عقيدة السلف*الصالح، جدد في زمانه معالمها، وأحيا ما اندرس من آثارها، وقد قال النبي صلى الله عليه*وسلم: «إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها».*

والمقصود في هذه المقالة التنبيه على موافقة عقيدة ولاة وعلماء هذا البلد الكريم (قطر*حرسها الله) لعقيدة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب، وتبنيهم لِدعوته، وثنائهم عليه، إذ*هذه البلاد الطيبة هي كما قال العلامة أحمد بن حجر آل بوطامي رحمه الله [القول الوضاح*ص1]: «لا يخفى أن دولة قطر دار توحيد وسنة بفضل جهود أولي الأمر والعلماء، الذين*نشروا السنة الغراء، وقضوا على البدع والمنكرات».*

فهذا البلاد بلاد توحيد وسنة، فلا مشاهد وأضرحة تقصد وتعبد، ولا موالد تقام وتشيّد، ولا*طرق صوفية تتبع، فلله الحمد والمنة، وأسأل الله أن يمدَّ بلادنا بالمزيد من فضله ومدده.*

ودونك شذرات من كلامهم -إذ استقصاء ذلك يطول-:*

أولاً: الشيخ المؤسس قاسم بن محمد آل ثاني رحمه الله:*

فمن المعلوم المشتهر تبني الشيخ رحمه الله لدعوة الإمام المجدد محمد بن عبدالوهاب*ونصرته ودعمه لها ولدعاتها ديانة لله -نحسبه والله حسيبه-، وهذا بيّنٌ لمن تصفح ديوان*الشيخ المطبوع، فأشعاره تنضح بالتوحيد والسنة، ولا يَخفى ما قاله في وصيته الشهيرة:*«وكل من بان منه سبُّ الشيخ محمد بن عبدالوهاب أو اتباعه، ولا ما سبهم وسب عقيدتهم*من أي أحد سبهم أو بغضهم، فقد أساء لي وعقني وخانني».*

ويقول الشيخ قاسم عن الإمام محمد بن عبدالوهاب في رسالة منه للعلامة محمود شكري*الألوسي رحمه الله [بدائع الإنشاء -مخطوط-38]: «الناس عادوا ذلك الشيخ الذي تصدى*لتصحيح عقائد الجهلة الفاسدة، وتعديل معوج آرائهم *الكاسدة؛ فإن غالب الناس في وقته*كانوا يعبدون القبور والأشجار والطواغيت المنحوتة من الخشب والأحجار، وبيّن مقصود الباري من عباده، والحكمة التي أرسل بها الرسل عليهم السلام إلى كافة أقطاره وبلاده، وهي*معرفة الله تعالى بأفعاله وتوحيده بأفعالنا وتخصيصه بالعبادة في قلوبنا وأقوالنا».*

وقال عبدالرحمن الناصر رحمه الله عن الشيخ قاسم [عنوان السعد بواسطة القيم الدينية عند*الشيخ قاسم ص67]: «حسن السمت، حسن الاعتقاد على مذهب الإمام المبجل أبي عبد الله*أحمد بن حنبل رضي الله عنه، وكان فيه محبة للمجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب ولأنجاله*ولمن آواهم ونصرهم، يهوى رأيهم ويقول بقولهم ويدين بدينهم مع ما أظهره من كرامتهم».*

وكان رحمه الله يبذل ماله في مساعدة وصلة طلبة العلم السلفيين، وكانت له جهود في طبع*عددٍ من كتب التوحيد والسنة ووقفها، فمن ذلك: مجموعة التوحيد، وكشف الشبهات وكتاب*التوحيد للإمام محمد بن عبدالوهاب، وكتب شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، في كتبٍ عديدة*-تقبلها الله-.*

وهذه الأعمال حُقَّ أن يُفْخَرَ بها فهي من أعظم ما يوفق إليه المرء في حياته.*

* * * المكارمُ لا قَعْبَانِ مِنْ لَبَنٍ *

* * * * * * * * *شِيبَا بمَاءٍ فَعَادَا بَعْدُ أبوَالاَ*

ثانيًا: الشيخ عبدالله بن قاسم آل ثاني رحمه الله:*

فكان على سنن أبيه وطريقته، يقول العلامة ابن مانع رحمه الله [قطر في مذكرات ابن مانع*ص73]: «كتب إليّ يدعوني إلى قطر، فأجبتُ فلما وصلتُ أكرمني رحمه الله، وقال لي: إننا*حنابلة ومذهبنا مذهب السلف الصالح».*

وقال العلامة ابن مانع [الشيخ عبدالله بن جاسم حياته وعهده*440/2]: «وكان رحمه الله*محبًا لأهل العلم الصحيح، العاملين به، محسنا لهم، متأدبًا بالآداب الشرعية، سالكًا طريق*والده في محبة أهل السنة والجماعة، أرباب العقيدة السلفية السليمة، وكان رحمه الله يبغض*أهل البدع والعقائد الفاسدة، ويَنفِرُ منهم، ولا يواليهم، ولذا كان إذا مرّ أحد من بلاده من أهل*العقائد المبتدعة كَتَمَ بدعته حتى يرتحل إلى أمثاله». ونحوه في [قطر في مذكرات ابن مانع*ص74].*

وفي عهده رحمه الله أُسست المدرسة "الأثرية" التي تولى زمامها العلامة ابن مانع رحمه*الله، وقصدها طلاب العلم من الآفاق، ومما قُرّر فيها من الكتب: كشف الشبهات للشيخ محمد*بن عبد الوهاب، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد للعلامة عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ*رحمه الله.*

ثالثًا: العلامة محمد بن حسن المرزوقي رحمه الله:*

عُرف رحمه الله بالدعوة للعقيدة السلفية، ونصرتها والذب عنها، وسخّر شعره في تقرير*التوحيد والسنة، وكان له سعي في نشر مؤلفات علماء الدعوة، قال العلامة ابن جاسر رحمه*الله عنه [سوانح الذكريات321/1]: «كان ممن عُرف بمناصرة الدعوة السلفية، ونشر*مؤلفات علمائها».*

ومن جميل ما قال رحمه الله ما جاء في قصيدته في الرد على النبهاني الصوفي [كما في ست*منظومات في الرد على النبهاني ص248] :


* * * أقول فوهابية طاب سعيهم*

* * * * * * * فهم حكموا القرآن والسنة الغرا*

* * * *يوالون ذا التقوى يعادون من غوى*

* * * * * *كماة الهدى لا إفك لا شرك لا نُكرا*

* * * وقد حسنوا التوحيد لمّا دعوا له*

* * * * * *وقد زجروا أهل الهوى كلهم زجرا*


رابعًا: العلامة الكبير محمد بن عبدالعزيز المانع رحمه الله:*

كانت له الجهود الكبيرة العلمية في المدرسة الأثرية التي خرجت عددًا كبيرًا من طلاب العلم*السلفيين في قطر والخليج زمن الشيخ عبدالله بن قاسم، وفي زمن الشيخ علي سعى بالمشورة*والدلالة لطبع كثير من الكتب، ومنها كتب الشيخ محمد بن عبدالوهاب وتلاميذه، والكلام عنه*يطول، وإنما نقتطف ما تعلق بمقالتنا.*

فمن عيون كلامه قوله رحمه الله [المنتقى من أعماله ص287]: «والمأمول ممن وقف على*كلامي هذا من الإخوان أن يُشهره وينشره، ويصرح بأنني لم أزل على طريقة شيخ الإسلام*وعلم الأئمة الأعلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب قدس الله سره وجعل جنة الفردوس مقره،*ولست -ولله الحمد- فيها دخيلا، بل هي طريقة أسلافي، وما زلت داعيا إليها وذابًا عن*حِماها».*

وقال رحمه الله [المنتقى من أعماله ص283]:*

«فالذي أقوله وأُشهِد الله تعالى عليه أنني سلفيُّ الاعتقاد، ومؤمن بعقيدة السلف الصالح، داعٍ*إليها ومناضلٌ عنها، جازمٌ قطعًا بأنها الحق، وأن كل مَن خالفها هو الباطل، وأنا بريء منه».*

خامسًا: الشيخ علي بن عبدالله آل ثاني رحمه الله:*

وإذ ذكرت الشيخ رحمه الله، فلا يغيب عنا سعيه العظيم في طباعة الكتب ونشرها، ولاسيما*مؤلفات شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وأئمة الدعوة.*

قال رحمه الله مبينًا عقيدته ونهجه[مجلة التمدن الإسلامي/ جمادى الأولى*1378ه]: «إنني*رجل سلفي العقيدة صحيح المذهب، فلا أعتقد ضلالات الجهمية وطرائق الصوفية المبتدعة،*ولا أسلك مسالك القبورية دعاة الأموات».*

وكان رحمه الله: «يَكره كتب أهل البدع المُحتوية على الشّرك والدّعوة إليه والتجهم*والاعتزال، ولا يَسمح بإدخالِهَا في مكاتبه». كما قال العلامة ابن مانع [مقدمة ديوان ابن دراج*ص4].*

سادسًا:*الشيخ أحمد بن علي آل ثاني رحمه الله:*

جاء في رسالة العلامة ابن باز رحمه الله إلى الشيخ أحمد بن علي آل ثاني رحمه الله، حيث طلب*منه الكتابة للشيخ راشد بن سعيد بن مكتوم في قبر يقصد ويدعا في دبي، وفيه قوله رحمه الله:
«ورأيت الكتابة إليكم لما بينكم وبينه من الصلة راجيًا التكرم بالكتابة إلى سموه في الموضوع؛*لأنكم من خير من يشجع على حماية جناب التوحيد، والقضاء على الشرك».[الرسائل المتبادلة*بين الشيخ ابن باز والعلماء ص669].*

سابعًا: الشيخ عبد الله بن تركي السبيعي رئيس الشؤون الدينية في زمانه رحمه الله:*

كتب رحمه الله عقيدة سلفية نقية، طبعت بعنوان: "أضواء على عقيدة السلف"، ومن قارن*بينها وبين عقيدة الإمام محمد بن عبدالوهاب يجد تطابقًا واتفاقًا. *

ثامنًا: العلامة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود رئيس المحاكم الشرعية رحمه الله:*

قال عن الإمام محمد بن عبدالوهاب [مجموع رسائله (195/3)]:«… ومن بعد ذلك ظهور*الإمام الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله حيث نشأ في القرن الثاني عشر وكان مولده عام*ألف ومائة وخمس عشرة، وكانت نجد في ذلك الزمان مملوءة بالشرك وعبادة الأوثان، لكل قوم*صنم يعبدونه، فجاهد الناس بالحجة والبيان والسنة والقرآن، فأنشأ الكتب الإسلامية التي تدعو*إلى عبادة الله وحده وتنهى عن عبادة ما سواه، مثل كتاب التوحيد الذي هو حق الله تعالى على*العبيد، وكشف الشبهات، وثلاثة الأصول، وكتاب فضل الإسلام، وكتاب أصول الإيمان، وغير*ذلك من الكتب العديدة والرسائل المفيدة التي عم الانتفاع بها الناس وانتفع بها العام والخاص،*وصارت كتبه بمثابة القواعد في الأصول والعقائد».*

تاسعًا: العلامة أحمد بن حجر آل بوطامي البنعلي رئيس قضاة المحكمة الشرعية رحمه الله:*

صنف رحمه الله عن الإمام محمد بن عبدالوهاب كتابًا بعنوان: "الشيخ محمد بن عبدالوهاب*عقيدته ودعوته الإصلاحية وثناء العلماء عليه"، وآخر بعنوان: "الشيخ محمد بن عبدالوهاب*مجدد القرن الثاني عشر المفترى عليه ودحض تلك المفتريات"، ومما قال رحمه الله في هذا*الكتاب [ص6]: «فبالرغم من انتشار العلم وتنور الأذهان وتقلص ظل الأمية والجهالة من*المجتمعات الإسلامية، فلا زال الكثيرون قد علق بأذهانهم فكرة سيئة ورأي غير سديد حول*الإمام المصلح الكبير الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله، وذلك من جراء الإفتراءات*والأكاذيب التي نسجتها أيدي المغرضين وخصوم الدعاة المخلصين».*

عاشرًا: الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وفقه الله:*

شُيّدَ في زمانه جامع الدولة الذي سُمّي باسم الإمام محمد بن عبدالوهاب، وكان للشيخ وفقه*الله كلمة جميلة في افتتاحه، حيث قال: «لقد أطلقنا على هذا المسجد الذي نتشرف اليوم*بافتتاحه اسم الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب، ذلك العَلَم الكبير والمصلح القدير والمجدد*الرائد الذي نسأل الله أن يكون ممن شملهم حديث الرسول القائل: "إن الله يبعث لهذه الأمة*على رأس كل مئة سنة من يجدد لها دينها".*

وإني على يقين من أن هذا المسجد الذي ينبت من أرض قطر، وكأنه قطعة أزلية منها سيكون*منبراً للإصلاح والدعوة الخالصة إلى الله عز وجل، بعيداً عن البدع والأهواء بما ينفع الناس*في دنياهم مما يواكب روح العصر، وبما ينجيهم في أُخْراهم مما يرضي الله ورسوله تماماً كما*كان الشيخ محمد بن عبد الوهاب ودعوته.

لقد انتشر النور الذي مشى به الشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله في الناس في*أنحاء جزيرة العرب، فأعادهم إلى الطريق القويم، وهداهم إلى المنهج السليم وفق القرآن*الكريم والسنة المطهرة وأزال ما اختلط في الأذهان من زيغ وما داخل النفوس من انحراف.*

وقد كان الإمام ابن عبدالوهاب قدوة بما اتسمت به شخصيته كداعية من زهد وتقوى وصبر*وبُعْد نظرٍ ودراية بالواقع، وكلها خصال ما أحوج الدعاة اليوم إليها. *

لقد كان جدنا المؤسس الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني رحمه الله وهو العالم بالدين والحاكم*في الوقت نفسه، ممن تلقفوا دعوة الشيخ بن عبدالوهاب وتبنوها، ونشروها في بلادنا*وخارجها في أنحاء العالم الإسلامي، وحَمَلَ رحمه الله على عاتقه مسؤولية نشر كتب الدعوة*الوهابية وغيرها من الكتب وطباعتها في الهند من أجل التفقيه بدين الله ورسالة نبيه.*

وما زلنا إلى اليوم نسير على خطى أولئك الأجداد العظام مهتدين بكتاب الله وبسنة رسوله*صلى الله عليه وسلم.. ولن ندخر جهداً من أجل أن نواصل حمل الرسالة ونشر تعاليم الإسلام*السمحاء في كل الدنيا».*

فتأمل هذه الكلمات السديدة ، وقف مع معانيها الحسنة في الإشادة بدعوة الإمام المجدد محمد*بن عبدالوهاب، وأنها دعوة إصلاح وسنة، وأننا على خطاه سائرون، وبكتاب الله وسنة*رسوله صلى الله عليه وسلم مهتدون.*

منقوول