الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، أما بعد

إن ميزان الله سبحانه وتعالى يختلف عن موازين البشر ، فقد يكون العمل قليلا فيدخل صاحبه الجنة ، أو يكون من آخرين كثيرا ، ولكنه يدخلهم النار ، والفيصل في ذلك هو نوع العمل ؛ الكيف وليس الكم .
ولقد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك الرجل الذي يأتي يوم القيامة بأعمال كجبال تهامة بيضاء فيسفها ربي نسفا ، والسبب في ذلك أنه كان إذا خلا بمحارم الله انتهكها ، أي لم يكن ذلك العمل الكثير الذي أتى به خالصا لوجه الله تعالى .
وعندما تصفو الأعمال لله وحده ، فإن الله يبارك فيها ، وإن كانت قليلة ، وينصر القليل على الكثير عندما يرى الإخلاص ، ونقاء العمل ، لكنه يقدّر الهزيمة على الكثيرين عندما يختلط عملهم ، وتشوبه الشوائب .
ولقد اشترط الله تعالى الإخلاص ، وهو نوع العمل ، لقبول العمل ، ولم يشترط كثرة العمل في قبوله .
يقول التابعي الجليل محمد بن كعب القرظي (( لأن أقرأ في ليلتي حتى أصبح { إذا زلزلت الأرض زلزالها } أو { القارعة } لا أزيد عليهما ، وأتفكر فيهما ، وأتردد أحب إليّ من أن أهذّ القرآن هذا ، أو قال أنثره نثرا )) .
فليست العبرة بختم القرآن ، وإنما بالتفكر في آيات الله تعالى ، فإنه لا يغير هذه النفس ويقربها إلى الله مثل التفكر في هذه الآيات ، وهو نوع من الاهتمام بالنوع لا بالكم ، وما هذا التراجع الذي كانت تعانيه الحركة الإسلامية أحيانا إلا بسبب اهتمامها بالكم على حساب الكيف .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم